الإثنين ٠٦ / أكتوبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

أخبار عاجلة

طوفان الأقصى ينتقل بشكلٍ مُتسارعٍ إلى الضفّة.. ويعدّ استقبالًا حارًّا لترامب وصفقة قرنه.. وضربات مُوجعة بل قاتلة لنتنياهو.. إليكُم التفاصيل

بشور للشروق التونسية : محكمة العدل الدولية مسار لا قرار وخطوة ينبغي استكمالها.

بشور للشروق التونسية : محكمة العدل الدولية مسار لا قرار وخطوة ينبغي استكمالها.

• محكمة العدل الدولية مسار لا قرار وخطوة بالاتجاه الصحيح ينبغي استكمالها.

• المسار القضائي يستكمل المسار الميداني والسياسي والإعلامي والشعبي والهدف الرئيسي هو عزل الكيان الصهيوني دولياً، ومحاكمة مرتكبي جرائم الحرب والإبادة الجماعية.

(نص الحديث الذي أدلى به السيد معن بشور الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي الى الصحافية وحيدة مي في جريدة "الشروق" التونسية حول قرار محكمة العدل الدولية في 26/1/2024)

بداية لا بد من الاعراب عن تأييدي وتقديري لكل الأصوات الصادقة والمخلصة التي اعترضت على خلو قرار محكمة العدل الدولية من أي نص صريح يتضمن دعوة الى وقف فوري لاطلاق النار في غزة، كما الى افساح المجال لعودة النازحين من شمال القطاع الى جنوبه.

إلا انني في الوقت ذاته من الداعين الى  اعتماد القاعدة المعروفة التي تقول "ما لا يدرك كله لا يترك جله" لاسيّما ان في هذا القرار الكثير من التوصيات التي وردت في الدعوى المقدمة من حكومة جنوب افريقيا التي نجدد تحيتنا لموقفها التاريخي الذي يؤكد عليه إصرار شعب جنوب افريقيا وقياداته على متابعة النضال ضد كل اشكال العنصرية والابادة الجماعية.

فالاجراءات الاحترازية التي اتخذتها محكمة العدل الدولية في مجملها لو تم تنفيذها ستؤدي حتماً الى وقف النار، لأن بعضها لا يمكن تنفيذه من دون وقف اطلاق النار، ولأن من شأنها ان تمهد الأجواء لوقف المحرقة الصهيونية التي لا تكتفي بقتل أطفال غزة ونسائها وشيوخها والمدنيين فيها بل تسعى الى تجويعهم وحرمانهم من أبسط مقومات الحياة، بل يمكن لهذه الإجراءات أن تكون مدخلاً لإيصال القضية إلى المحاكم الجنائية والمحاكم الوطنية في أي دولة.

لكن الأهم في هذا القرار هو انه وضع للمرة الأولى الكيان الصهيوني في قفص الاتهام بشبهة الإبادة الجماعية التي أصرت المحكمة بإجماع أعضائها، ما عدا قاضية اوغندية يبدو انها نسيت انها افريقية، وبرئيستها الأميركية جوان إي دنغو،على قبول الشكوى  الجنوب افريقية ورفض الاعتراض الصهيوني عليها.

طبعاً هذا القرار يشكل خطوة أولية في الاتجاه الصحيح ينبغي ان يستكمل بخطوات أخرى أهمها وقف العدوان على غزة، وإحالة مجرمي الحرب على المحاكم المعنية، ولكن المحاكمة التي قد تستغرق سنوات عدة ينبغي تحويل كل جلسة من جلساتها الى مناسبة لتعبئة  الرأي العام العالمي ضد العدو الصهيوني وجرائمه..

فما جرى في المحكمة الدولية بالأمس ليس مجرد قرار قضائي بل هو بداية مسار قضائي كامل يمكن من خلاله استكمال معركتنا القانونية من اجل العدالة لفلسطين التي لا تتحقق إلا بتحرير فلسطين كاملة بإذن الله...

هذا المسار المنتظر المضي فيه من أعلى محكمة في العالم يمكن ان يشكّل ايضاً تكاملاً مع مسار آخر دعونا اليه منذ سنوات في المركز العربي والدولي للتواصل والتضامن، والمؤتمر القومي العربي، والمؤتمر العربي العام، وهو مسار عزل الكيان الصهيوني دولياً وطرده من كافة المنظمات والمؤسسات الدولية على غرار ما جرى لنظام بريتوريا العنصري في جنوب افريقيا، والذي لا أستبعد ان يكون قد ورد أيضاً في ذهن حكومة كيب تاون لدى تقديمها الشكوى الى محكمة العدل الدولية، وقد اعتبرنا الشكوى يومها بحد ذاتها هزيمة سياسية كبرى للكيان الإرهابي الصهيوني تضاف الى مجمل الهزائم الميدانية والإعلامية والأخلاقية التي يُمنى بها  هذا الكيان كل يوم...

واذا كانت متابعة تنفيذ إجراءات محكمة لاهاي داخل غزّة من قبل سلطات الاحتلال الصهيوني، وتحت رقابة دولية مشددة، فإن مواكبة عمل المحكمة هي مهمة كل الهيئات الحقوقية والقانونية والإنسانية المعنية بأبسط حقوق الانسان، وهي حق الإنسان في الحياة والحرية.

كما ان مهمة العمل على ربط المسار السياسي والثقافي والإنساني مع المسار القضائي يبقى مهمة كل قوى التحرر والعدالة في العالم نفسه عبر الضغط على الحكام في بلادنا والعالم بأن يواصلوا معركة عزل الكيان وقد بات واضحاً انه يخسر معاركه الدولية الواحدة تلو الأخرى، حيث لم يبق الى جانبه إلاّ إدارة واشنطن التي تواجه ضغوطاً شعبية متزايدة من أحرار الولايات المتحدة الذين يستلهمون مواقف أحرار كبار منهم كالراحل الكبير وزير العدل الأمريكي السابق رامزي كلارك الرئيس الفخري لمنتدى العدالة من أجل فلسطين، والذي بالمناسبة نأمل ان تستضيف عاصمة عربية مهمومة بالجرح الفلسطيني، في الربيع القادم دورة المنتدى السادسة لكي يكون جزءاً من التحرك العالمي لعزل الكيان الصهيوني دولياً، ومنتصراً للمقاومة في فلسطين، بل ومنتصراً لهذا الشعب البطل الذي يقدّم الشهيد تلو الشهيد وبالآلاف ولا تخرج فيه كلمة توحي بالضعف أو الاستسلام.

ولعل ما يؤكد هذا التقييم المتوازن لقرار محكمة العدل الدولية هو رد الفعل الصهيوني الفوري على لسان نتنياهو حين قال " انه قرار مشين"، وعلى لسان وزرائه الذين كالوا الاتهامات لمحكمة العدل واتهموها بالعداء للسامية، وطلبوا من حليفهم في واشنطن ان يقف الى جانبهم فيما طلبوا من وسائل اعلامهم، والوسائل القريبة منهم تحديداً تصوير القرار كأنه انتصار إسرائيلي من اجل تهدئة الجماهير الغاضية داخل مجتمعهم، والتي لم يتمكنوا على مدى 115 يوماً من تقديم انجاز يرضيها، علماً ان عنوان القرار كان رفض الاعتراض الإسرائيلي على قبول المحكمة لشكوى جنوب افريقيا، فكيف يكون هذا القرار انتصاراً لهذا الكيان.

باختصار، قرار محكمة العدل الدولية، رغم بعض النواقص فيه هو خطوة في الاتجاه الصحيح ينبغي استكمالها، بل هو كما قال المحامي الكبير خالد السفياني رئيس لجنة المتابعة في المؤتمر العربي العام "هو أقل بكثير من المطلوب، ولكنه أفضل بكثير مما كان منتظراً في ظلّ الواقع الدولي الراهن".

موضوعات ذات صلة