الإثنين ٠٦ / أكتوبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

أخبار عاجلة

طوفان الأقصى ينتقل بشكلٍ مُتسارعٍ إلى الضفّة.. ويعدّ استقبالًا حارًّا لترامب وصفقة قرنه.. وضربات مُوجعة بل قاتلة لنتنياهو.. إليكُم التفاصيل

لهذه الأسباب نُدين ونُعارض مُبادرة سلام القدوة ـ أولمرت لوقف الحرب في الضفّة والقطاع وإنقاذ إسرائيل من مآزِقها وهزائِمها

لهذه الأسباب نُدين ونُعارض مُبادرة سلام القدوة ـ أولمرت لوقف الحرب في الضفّة والقطاع وإنقاذ إسرائيل من مآزِقها وهزائِمها

لهذه الأسباب نُدين ونُعارض “مُبادرة سلام” القدوة ـ أولمرت لوقف الحرب في الضفّة والقطاع وإنقاذ “إسرائيل” من مآزِقها وهزائِمها

عبد الباري عطوان

تعوّدنا كفِلسطينيين على “ظاهرة” تتكرّر دائمًا، تتجسّد في ظُهور ما يُسمّى “مُبادرات” سلام مُشتركة لشخصيّات فِلسطينيّة وإسرائيليّة تنتشر مثل النار في الهشيم، وتُثير حالة من البلبلة والتضليل، وتوسيع دائرة الانقسامات في الوسط الفِلسطيني، ويتزامن طرح هذه “المُبادرات” دائمًا مع مُرور دولة الاحتلال في “مآزقٍ وجوديّةٍ خطيرة” وتحقيق المُقاومة الفِلسطينيّة انتصارات في ميادين القتال، ولعلّ الظّهور المُفاجئ هذه الأيّام لما يُسمّى بوثيقة السّلام الثنائيّة المُشتركة المُوقّعة من قِبَل كُل من إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، والسيّد ناصر القدوة وزير خارجيّة السّلطة وسفيرها السّابق في الأمم المتحدة لعدّة سنوات، وعُضو اللجنة المركزيّة السّابق المُبعد من حركة فتح، هذه الوثيقة هي التّمثيل الأدَقْ والأحدث لهذه الظّاهرة.

قبل الحديث عن هذه الوثيقة الجديدة التي حظيت بدعمٍ فوريٍّ من قِبَل جوزيف بوريل وزير خارجيّة الاتّحاد الأوروبي وعدّة حُكومات عربيّة، والبُنود الخطيرة جدًّا التي جاءت فيها، لا بُدّ من الإشارة والتذكير إلى وثائقٍ ومصائدٍ مُماثلة، مِثل وثيقة جنيف التي أصدرها الثنائي ياسر عبد ربه وزير الإعلام وأمين سِر اللجنة التنفيذيّة للمنظّمة سابقًا، ويوسي بيلين في سويسرا في 1 كانون الثاني (ديسمبر) 2003، وتتحدّث عن تعايش وحل نهائي للصّراع العربي الإسرائيلي، يرتكز على حل الدولتين على أساس قراريّ مجلس الأمن الدولي 242 و338، وحظيت هذه الوثيقة بدعمٍ غير مُعلن للرئيس الحالي محمود عباس مُهندس اتّفاق أوسلو، ولا ننسى أيضًا، مُبادرات أوروبيّة وأمريكيّة وأمميّة صدرت لإجهاض الانتفاضة المسلّحة الأولى في الضفّة الغربيّة التي انفجرت بعد فشل قمّة كامب ديفيد الإسرائيليّة الفِلسطينيّة عام 2000 برعاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، وتجسّدت في خريطة الطّريق واللجنة الرباعيّة، ووعود مُؤكّدة بإقامة دولة فِلسطينيّة مُستقلّة من قِبَل تلك اللّجنة (الرباعيّة) التي تضم أمريكا وروسيا والاتّحاد الأوروبي والأمم المتحدة فور وقف أعمال المُقاومة المسلّحة في حينها، وباقي القصّة معروفة.

الآن، وبعد أن فشلت المُفاوضات المُستمرّة مُنذ 11 شهرًا برعايةٍ أمريكيّة في كُل من القاهرة والدوحة لكسر المُقاومة وخداعها للوصول إلى وقفٍ لإطلاق النّار في قطاع غزة بالشّروط الإسرائيليّة، بسبب تمسّك المُقاومة بشُروطها كاملة، ورفض بنيامين نتنياهو الانسِحاب من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) وممر نتساريم وتبخّر كُل أحلامه في القضاء على حركتيّ “حماس” والجهاد الإسلامي، وكتائب المُجاهدين في قطاع غزة، وانتقال الثورة المسلّحة إلى الضفّة الغربيّة، فُوجئنا بطرح وثيقة القدوة- أولمرت كحلٍّ وسط للصّراع العربي الإسرائيلي ووقف الحرب في قطاع غزة مثلما يُؤكّد أصحابها.

يُمكن تلخيص النقاط الرئيسية المُقلقة في هذه الوثيقة التي صدرت باللّغتين العربيّة والإنجليزيّة (من صفحتين) وجرى توقيعها من قِبَل كُل من القدوة وأولمرت في 17 تمّوز (يوليو) الماضي، وجرى تسريبها إلى أكثر من وسيلةِ إعلامٍ عربيّة وإسرائيليّة مُؤخّرًا كالتالي:

أوّلًا: اعتماد حل الدولتين كأساس لأي تسوية للصّراع العربي الإسرائيلي، وتطبيق القرارات الدوليّة المُتعلّقة بهذا الحل، وخاصَّةً قراريّ مجلس الأمن الدولي رقم 242 و338 كغطاء لتمرير الوثيقة.

ثانيًا: تأجيل بند عودة اللّاجئين الفِلسطينيين إلى مرحلةٍ لاحقة، وهذا يعني دفنه للأبَد.

ثالثًا: ضم 4.4 من الضفّة الغربيّة إلى “إسرائيل” في إطار تبادل أراضي، وإقامة ممر يربط بين الضفّة الغربيّة والقطاع.

رابعًا: المُوافقة على ضم جميع المُستوطنات الحاليّة في الضفّة الغربيّة إلى دولة الاحتلال، أي تشريعها ووجود 850 ألف مُستوطن فيها.

خامسًا: الاعتراف بالسّيطرة الإسرائيليّة الكاملة على القدس الغربيّة، وجميع المُستوطنات والأحياء اليهوديّة التي جرى إقامتها بعد احتلال عام 1967، أي ابتلاع القدس الشرقيّة أيضًا.

سادسًا: العمل على تفهّم الفِلسطينيين جميع المخاوف الأمنيّة الإسرائيليّة، وتبديدها من خلال التّعاون الأمني وحماية الاحتلال ومُستوطنيه.

سابعًا: إقامة مجلس وصاية على القدس الشرقيّة والأماكن المُقدّسة فيها، يتكوّن من خمس دول من بينها إسرائيل وأمريكا وفِلسطين دون تحديد الدّولتين المُتبقّيتين، ولا ذِكْر للأردن تحديدًا، أو جعلها (القدس الشرقيّة) عاصمة الدّولة الفِلسطينيّة المُنتظرة.

ثامنًا: تشكيل “مجلس مُفوّضين” لإدارة قطاع غزة بعد الانسحاب الإسرائيلي يقتصر على التّكنوقراط، ولا مكان لحماس فيه.

تاسعًا: قيام قوّات أمنيّة من جُيوشِ عدّة دُول عربيّة (لم تُحدّد) تُنسّق مع قوّات الاحتلال، وتتولّى مهمّة رئيسيّة بمنع أي عمليّات فدائيّة تنطلق من قطاع غزة ضدّ دولة الاحتلال.

عاشرًا: وضع قوّات على طُول الحُدود الأردنيّة الفِلسطينيّة، على غِرار ما حدث في محور فيلادلفيا، مع استبدال الإسرائيليّة بالدوليّة لتجنّب أيّ رفض أردني مُحتمل.

إحدى عشر: إنهاء حُكم حركة “حماس” في قطاع غزة إلى الأبد، والعمل على إضعافها وتصفيتها سياسيًّا وعسكريًّا، وعدم مُشاركتها في أيّ ترتيباتٍ مُستقبليّة للقطاع، والإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين.

المعلومات المُتوفّرة لدينا، والتي استقيناها من أكثر من مصدر تُؤكّد أنّ السيّد القدوة قدّم نسخة من هذه الوثيقة إلى جوزيف بوريل، وبدأ التّرويج لها، ومُناقشتها مع المسؤولين العرب الذين سيلتقي بهم في جولته الشّرق أوسطيّة الحاليّة (رفضت الحُكومة الإسرائيليّة استِقباله)، كما قدّمها لعدّة دُول عربيّة أيضًا.

مصدر فلسطيني كبير أكّد لنا أن هذه الوثيقة لا قيمة لها على الإطلاق، ومُجرّد بالون اختبار تشويشي، أو حتّى فُقاعة، وأشار إلى أنّ أولمرت الشّريك الثّاني فيها كانَ من أكثر قادة حزب الليكود تطرّفًا، وارتكب جرائم حرب في حقّ الشّعب الفِلسطيني عندما تولّى رئاسة الوزراء في الضفّة والقطاع، ناهيك عن شن حرب على لبنان عام 2006 وقتل الآلاف وتدمير الجنوب وبيروت.

دعم مُوقّعي هذه الوثيقة (أولمرت والقدوة) خطّة الرئيس الأمريكي جو بايدن لوقف الحرب في غزة التي رفضها نتنياهو، وتأييدهما لقرار مجلس الأمن الدّولي رقم 2735 لوقف إطلاق النّار وتبادل الأسرى، يُؤكّد أنّ الولايات المتحدة تقف خلفها، وربّما صاغت مُعظم، إنْ لم يكن كُل بُنودها بالتّنسيق مع دولة الاحتلال، ولكن هذا الدّعم لا يُمكن أنْ يُضفي عليها أي شرعيّة بالتّالي، أو يُوفّر لها فُرص النّجاح.

هذه الوثيقة تأتي عمدًا في مُحاولةٍ لإحياء التّطبيع، وبهدف تحويل الأنظار عن الانتِصارات الكبيرة التي تُحقّقها كتائب المُقاومة ورجالها في غزة والضفّة الغربيّة وجنوب لبنان واليمن، بصُمودها وإلحاق خسائر بشريّة وماديّة ومعنويّة بصفةٍ يوميّة بقوّات الاحتلال، ومعدّاته الخفيفة والثّقيلة وآخِرها إسقاط طائرة عموديّة في مدينة رفح، ومقتل العديد من طاقمها ورُكّابها، علاوةً على مُحاولةِ إحداث فتنة داخليّة فِلسطينيّة، وقد أصابت حركة المُقاطعة الفِلسطينيّة الوطنيّة عندما سارعت بإدانتها باعتبارها مُبادرة تطبيعيّة وطالبت الشّعب الفِلسطيني بالتّصدّي لها وإجهاضها.

من أكبر الكبائر الحديث الآن عن السّلام والتّعايش مع عدو إسرائيلي يخوض حرب إبادة وتطهير عرقي ضدّ الشّعب الفِلسطيني في غزة والضفّة، واهدار دماء وأرواح أكثر من 41 ألفًا من أبناء القطاع مُعظمهم من الأطفال والنّساء، فهذه المُبادرة تأتي مُكافأة لهذا المُحتل المُجرم، ومُحاولة تقديمه كحملٍ وديع ومسْح كُل ذُنوبه ومجازره، وإنقاذه من مآزقه الحاليّة سواءً في الدّاخل “الإسرائيلي” أو الخارج الدّولي أو في جبَهات المُواجهة.

حل الدّولتين أُكذوبة وخدعة، وحُكومة نتنياهو والكنيست الإسرائيلي أصدَرا قانونًا بمنع إقامة دولة فِلسطينيّة، بل وتشريع طرد جميع الفِلسطينيين من كُل الأراضي الفِلسطينيّة المُحتلّة من خِلال إصدار قانون القوميّة اليهوديّة وعمليّة التّهجير للفِلسطينيين في الضفّة والقطاع بدأت والوطن البديل في الأردن يتجهّز.

نضمّ صوتنا إلى صوت حركة المُقاطعة للاحتلال في إدانته لها ونعتبر أي دولة عربيّة، أو غير عربيّة، تُروّج لها، وتدعو المُوقّعين عليها لزيارتها، وتفرش لهما السجّاد الأحمر مُتواطئة ومُطبّعة ومُعادية للشّعب الفِلسطيني ومُقاومته وطُموحاته المشروعة لاستعادة جميع حُقوقه المشروعة وعلى رأسِها تحرير أرضه ومُقدّساته وطرد المُحتلّين.


موضوعات ذات صلة