الإثنين ٠٦ / أكتوبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

أخبار عاجلة

طوفان الأقصى ينتقل بشكلٍ مُتسارعٍ إلى الضفّة.. ويعدّ استقبالًا حارًّا لترامب وصفقة قرنه.. وضربات مُوجعة بل قاتلة لنتنياهو.. إليكُم التفاصيل

حقائق هادئة بوجه مغالطات صارخة

حقائق هادئة بوجه مغالطات صارخة

حقائق هادئة بوجه مغالطات صارخة

د. هاني سليمان  

ينبري الاعلام الغربي - الصهيوني وبعض الاعلام العربي على تشكيل جبهة إعلامية سياسية تهدف الى تضخيم إنجازات العدو والتعتيم على إنجازات المقاومة بكل محورها المقاتل، بهدف خلق حالة من اليأس والإحباط والانقسام لدى المجتمع اللبناني بكل مكوناته الاجتماعية والسياسية والثقافية، بحيث تنتهي هذه  الحالة الى الدعوة لاخراج لبنان من الانخراط في الواجب الإنساني والديني والقومي المتمثل باسناد غزة وشعب فلسطين ولبنان.

وتنبري بعض الشخصيات السياسية والإعلامية في لبنان، عن حسن نية أو عن سوئها، الى ان تكون  طليعة جيش " المقاتلين"  ضد المقاومة على الجبهة الإعلامية . ومن اهم أسلحتها عنوان " لنحفظ لبنان بعد ان تخلت عنكم ايران".

وبعقل بارد، رغم حرارة القذائف وحراجة الموقف نتوجه إليهم بالقول:

أولا: ان استشهاد قيادة المقاومة دليل على المزيد من صحة خياراتها وانجازاتها – وأؤكد على كلمة إنجازاتها – على غير صعيد. وكما هو ملحوظ فإن وتيرة القتال بعد استشهاد السيد حسن نصر الله وقبله سائر أركان القيادة العليا بقيت على حالها، لا بل زات وتوسعت استهدافاتها وكأن رجال الله في الميدان يعملون بأوامره وتوجيهاته ، كما لو انه كان حيُّ يرزق، مما ينفي العُطب الذي تعانيه كل مقاومة تستشهد قيادتها. وفي هذا ، ظاهرة نادرة في تاريخ الشعوب والمقاومات تجدر دراستها تنويراً للأجيال القادمة.

ثانيا:  رغم إنجازات العدو باستهداف قادة المقاومة والمدنيين وتدمير البيوت على أصحابها وأهلها، لا زال العدو نفسه يقول (نحن في مرحلة صعبة) للغاية وهنا نسأل ؟ ما سبب هذه المرحلة الصعبة، بل هذه الحالة الصعبة حيث الصواريخ تدك المستعمرات وتدخل الرعب في قلوب المستوطنين وتجعلهم يعيشون كابوس الخوف على المصير والوجود .  – نعم الخوف على المصير والوجود – وما التعتيم المطبق والتعمية الشاملة عن الحالة التي يعيشها مستوطنو الكيان إلا دليل واضح على ذلك.

وفي هذا المجال نقول: لقد وعد قادة الكيان المستوطنين باللبن والعسل في فلسطين المحتلة، فاذا بهم  يشعرون بالضيق والخوف وفوق وتحت وابل الأسئلة الوجودية الصارخة التي عبّر عنها نتنياهو غداة عملية  " طوفان الأقصى ".

ولنا في هذا المجال التمسك بالآية الكريمة  " إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون" سورة النساء الآية 104.

ثالثا: الى الأبرياء الذين يقولون انها نهاية مرحلة المقاومة وعلينا ان نعترف بالهزيمة ولملمة الجراح وايواء النازحين.

معذرون أولئك الأبرياء، لكن الحقيقة الهادئة والجلية هي غير ذلك .

أ – لأن بنية المقاومة صلبة وأكثر مما يتصور البعض، ولأن فاعليتها ملحوظة لدى المستوطنين أكثر مما هي ملحوظة في أي مكان آخر، لا بل يمكن القول انها ليست نهاية مرحلة بقدر ما هي بداية مرحلة في الصمود والمواجهة، ولقد مرت المقاومات في التاريخ – ومقاومتنا خير معبّر عنها – بظروف صعبة وقاسية ومريرة، وخيّل للبعض انها لن تقوم من عثارها، فإذا بها تقوم وتواجه وتنتصر والعبَر ماثلة في الاذهان عن طرد الاحتلال من فيتنام وأفغانستان والعراق ولبنان .

ب – هي نقطة  مهمة  تجب اثارتها وتوضيحها ودحضها، مفادها قول غولدا مائير "ان العرب لا يقرأون التاريخ " في إشارة الى  تكرار تجربة المفاجأة  في حروبها ضد فلسطين والأمة العربية. ألا يجدر بنا القول ان العدو ايضاً لا يقرأ التاريخ، بدليل المفاجأة الكبرى في حرب تشرين المجيدة 1973 وعبور جيش مصر العظيم لقناة السويس ورفع العلم العربي السوري فوق هضاب الجولان المحتل. ولولا التدخل الأميركي المباشر لكانت نتائج المعركة واضحة، وبدليل مفاجأة عملية طوفان الأقصى المركبة والمحبوكة التي وضعت الكيان الغاصب امام وجوب قراءة تاريخ المقاومات، ومنها تاريخ مقاومة فلسطين ولبنان وكل حركات التحرر . نقول كفى جلداً للذات ولننصرف الى متابعة معركة التحدي تطلعاً للانتصار الآتي . المقاومون أبناء الأرض يقرأون التاريخ جيداً والمستوطنون هم الطارئون الذين تلفظهم الأرض التي جاءوا اليها.

ج – لقد جاء الرد الإيراني على الكيان الصهيوني ليؤكد على حقيقة ان  ايران ظهير صادق لمعركتنا، وأن أي عربي شريف لا يريد ان تكون بديلاً عنا في أي مجال من المجالات.

د - في كل الحروب التي خاضتها "إسرائيل " ضدنا مدعومة من الغرب، كانت ذلك الكيان دولة فتية زُرعت سنة 1948 وتطورت  سنة 1956 وتعملقت سنة 1967 واستباحت سنة 1982، وراحت بعدها تشيخ كعجوز يعيش على عكاز التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والمنبهات واجراس الإنذار حتى اذا قيل لها ان طوفاناً سيحصل قالت بلغوا الذكاء الاصطناعي . وهو الكفيل بالمعالجة، ولكن لم يدروا ان هذا الذكاء بغياب العنصر البشري المتراخي والمترهل أو المنهك في حرب غزة بمواجهة أهل الإرادة هو مقدمة للغباء الذي يجعل الرجل يكمل حياته بانتظار ما هو مكتوب له.

ما نقوله ليس احلاماً ولا شعراً ولا هتافاً في مظاهرة ، انه وجهة نظر او  قراءة في علم النفس والسياسة وقانون الطبيعة، تلحظ صيرورة نشوء الدول والكيانات وتطورها وقمة مجدها حتى  زوالها.

موضوعات ذات صلة