الإثنين ٠٦ / أكتوبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

أخبار عاجلة

طوفان الأقصى ينتقل بشكلٍ مُتسارعٍ إلى الضفّة.. ويعدّ استقبالًا حارًّا لترامب وصفقة قرنه.. وضربات مُوجعة بل قاتلة لنتنياهو.. إليكُم التفاصيل

هل تستخدم اسرائيل سلاحاً نووياً لضرب ايران؟

هل تستخدم اسرائيل سلاحاً نووياً لضرب ايران؟

هل تستخدم "اسرائيل" سلاحاً نووياً لضرب ايران؟

د. عصام نعمان 

لعل السؤال الأكثر إلحاحاً عشيةَ الإنتخابات الرئاسية الاميركية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني القادم  هو: أيهما سيكون الباديء بضرب الآخر: "اسرائيل" ام ايران؟

الأيام العشرون التي تفصلنا عن إنتخاب الرئيس (او الرئيسة) الاميركي الجديد هي فترة زمنية بالغة الخطورة لأن الرئيس القريبة ولايته من الإنتهاء يصبح، بحسب التعبير الاميركي الرائج، بطة عرجاء غير قادر على إتخاذ قرارات تتعلق بالحرب والسلم لئلا يتأتى عنها تداعيات غير ملائمة لا للبلاد ولا لمرشح حزبه، فيخسر حزبه الجائزة الكبرى : رئاسة البلاد لمدة اربع سنوات في الأقل .

الى ذلك، ثمة ظروف وتحدّيات سياسية وإستراتيجية وحتى شخصية تواجه الرئيسين في "اسرائيل" وايران قد ترغمهما على إتخاذ قرارات إستثنائية وبالغة الخطورة خلال فترة العشرين يوماً التي تفصل الولايات المتحدة عن تاريخ إنتقال السلطة والقيادة  فيها من رئيسٍ الى رئيسٍ آخر قد يكون نقيضاً له في توجهاتٍ ومواقف وقضايا عدّة ما يؤدي الى حدوث متغيرات وتحولاّت خطيرة داخل الولايات المتحدة  وخارجها.

في غمرة هذه الواقعات والإحتمالات،  يمكن إستشراف جوابٍ مرجّح وليس حاسماً عن السؤال الأكثر إلحاحاً في هذه الآونة : من تراه يكون الباديء في ضرب الآخر، "اسرائيل" ام ايران ؟ وقد يتفرّع عن هذا السؤال الملحاح سؤال آخر : أليس من الممكن ايضاً ان تتخلّى "اسرائيل" وايران عن "خيار" تبادل الهجمات قبل 5 نوفمبر القادم ؟

إن  بنيامين نتنياهو هو اللاعب الأكثر إثارةً للجدل بين القادة الممسكين بزمام السلطة في دول الشرق الأوسط . لذا يقتضي، بغية التمكّن من إستشراف ردود  فعله وقراراته، الإحاطة بالواقعات والمعطيات والملابسات الآتية:

•       يتأثر نتنياهو بدوافع ثلاثة غالبة في حياته وسلوكيته السياسية :

الاول، البقاء في السلطة على رأس حكومته الإئتلافية التي تضمّ اثنين من غلاة الصهاينة العنصريين المتطرفين، بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية) وإيتمار بن غفير (وزير الأمن القومي ) اللذين يرفضان أي وقف لإطلاق النار او تسوية مع الفلسطينيين وفصائلهم المقاوِمة  تحت طائلة الإستقالة ما يؤدي الى سقوط الحكومة في حال اختار نتنياهو طريق التسوية . بسقوطها تنتهي على الأغلب حياة نتنياهو السياسية ويُساق الى المحكمة لمقاضاته جرّاء إرتكابه سابقاً أفعالاً جنائية تستوجب عقوبات قاسية .

الثاني، إعتناقه الراسخ لمقولات (اوهام) توراتية من طراز "كل ما تطأه اقدامكم من اراضٍ يكون لكم"، او "بلادك يا اسرائيل من الفرات الى النيل"، وهي مقولات تملي على معتنقها واجب العمل لتحقيقها .

الثالث، إعتقاده الراسخ بأن ايران تشكّل خطراً وجودياً على الكيان الصهيوني بعدما اصبحت "دولة عتبة نووية" قادرة خلال مدة وجيزة على تصنيع سلاحٍ نووي ما يجعل "اسرائيل" وحتى اميركا غير قادرتين على التغلّب عليها او إحتوائها .

•       طموح نتنياهو الى تطويب نفسه أعظمَ ملك في تاريخ اسرائيل لنجاحه في تخليصها من خطر وجودي هدّد كيانها بالزوال، يدفعه الى إنتهاز فرصة إمتلاك اليهود الاميركيين نفوذاً وتأثيراً واسعين خلال الإنتخابات الرئاسية  لشن حرب على ايران قبل 5 نوفمبر القادم، أي عندما لا يكون الرئيس بايدن قادراً او راغباً في منعه من خوضها .

•       أفاد موقع "والا" الإسرائيلي، نقلاً عن مسؤول اميركي رفيع بعد المحادثة التليفونية الطويلة بين بايدن ونتنياهو يوم الأربعاء الماضي، ان الخلافات بين الولايات المتحدة و"اسرائيل" بشأن الردّ على ايران ضاقت، وان واشنطن نصحت "اسرائيل" بعدم ضرب منشآت ايران النووية او مرافق النفط والغاز كي لا تتسبّب بأزمة عالمية نتيجةَ إرتفاع أسعارهما.

•       المرشحُ الجمهوري دونالد ترامب كان قد دعا نتنياهو، بعد إنطلاق حرب إبادته على حركة حماس والشعب الفلسطيني، الى ضرب منشآت ايران النووية لكونها تدعم حماس وحلفائها.

•       المجلسُ الوزاري الإسرائيلي المصغّر للشؤون الأمنية "الكابينت" أرجأ الاسبوعَ الماضي التصويت على موعد الهجوم المرتقب على ايران، ونقلت وسائل إعلام عن مصدر امني ان هناك توجهاً الى تأجيل التصويت الى موعد قريب من تنفيذ الهجوم، بينما لمّحت وسائل أخرى الى إعتزام نتنياهو شنّ الهجوم قبل 5 نوفمبر القادم، مشيرةً الى تصريح وزير الأمن يوآف غالنت : "إن ردّ اسرائيل على الهجوم الإيراني سيكون قاتلاً ودقيقاً ومفاجئاً، ولن يفهم الإيرانيون ما حدث وكيف حتى يروا النتائج". وقد فُسر تصريحه بأنه ينطوي على تهديد بإستخدام سلاح نووي .

      كيف تراه يكون ردّ ايران على هجوم "اسرائيل" المرتقب ؟ يمكن إستشراف ذلك من خلال الإحاطة بالواقعات والمعطيات الآتية :

•       يتضح من المواقف والتصريحات التي يدلي بها كبار المسؤولين الإيرانيين ان طهران مستعدة ومتوثبة للردّ على اي هجوم اسرائيلي وفق معادلة التناسب والضرورة  بحيث يزيد هجومها عن حجم الهجوم الإسرائيلي نوعاً ومقداراً تدميرياً .

•       تعتقد القيادة الإيرانية ان تل ابيب ادركت، بعد ردّ ايران الصاعق عليها مطلعَ الشهر الجاري، ان طهران تمتلك القدرة على الردّ الدقيق والمؤلم ما قد يحمل "اسرائيل" على وقف ردها او إرجائه الى حين تصبح مشاركة الولايات المتحدة فيه ممكنة ومضمونة.

•       تدرك طهران ان كل هجوم او إعتداء تقوم به تل ابيب يتم ّبقرار مشترك مع واشنطن وإن كانت اداة التنفيذ تكون، غالباً، اسرائيلية.

•       تتصاعد في وسائل الإعلام القريبة من الحرس الثوري الإيراني الدعوة الى تغييرعقيدة ايران النووية وذلك في ضوء تحديين: مجاهرة "اسرائيل" بالعمل لتحقيق ما تسميه "النظام الجديد للشرق الأوسط" لضمان هيمنتها على الإقليم، وإحتمال إستخدامها سلاحاً نووياً في ردّها على ايران ما يستدعي إمتلاك طهران السلاح النووي "لأن الشيء الوحيد الذي يُقنع الدول  النووية التسع واسرائيل بألاً تستخدمه هو معرفتها بأن ايران تمتلكه ايضاً".

•       لئن ترجّح طهران عدم قيام تل ابيب بهجومها قبل 5 نوفمبر القادم، إلاّ انها لا تستبعده بالمطلق، وقد أعدّت للردّ على كل إعتداء عدّته.

         في ضوء هذه الواقعات والملابسات والتحديات، هل تستبق ايران هجوم "اسرائيل" بضربةٍ يكون من شأنها إجهاضه ؟

لا جواب حاسماً في هذا الظرف الدقيق . لكني أرجّح ان يتصرف نتنياهو في ضوء الإحتمالات الآتية:

-        اذا ضمِن سكوت إدارة بايدن عن هجومه مع توفيرها مسبقاً كمية كبيرة من القنابل الثقيلة الإختراقية للتحصينات الإيرانية، فإنه سيقوم بالهجوم قبل 5 نوفمبر القادم .

-        اذا تعذّر عليه الحصول من بايدن على الموافقة السياسية والمعدات العسكرية المشار اليها آنفاً، فقد يكتفي مرحلياً بشن هجوم لا يستهدف  منشآت ايران النووية او مرافقها النفطية بل يتركّز على مواقع عسكرية واقتصادية بالغة الأهمية .

-        اذا لاحظ ان إستطلاعات الرأي ترجّح فوز حليفه دونالد ترامب فإنه لن يتردد  في شن الهجوم على ايران مستخدماً قنبلة نووية تكتيكية سواء كان بمقدورها تدمير المنشآت النووية الإيرانية او التسبّب فقط بأَضرار فادحة لبنياتها العسكرية والإقتصادية.

يبقى ان ينتظر نتنياهو و"اسرائيل" ما تكون قد أعدتّه لهما ايران من مفاجآت.

issam.naaman@hotmail.com

موضوعات ذات صلة