الإثنين ٠٦ / أكتوبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

أخبار عاجلة

طوفان الأقصى ينتقل بشكلٍ مُتسارعٍ إلى الضفّة.. ويعدّ استقبالًا حارًّا لترامب وصفقة قرنه.. وضربات مُوجعة بل قاتلة لنتنياهو.. إليكُم التفاصيل

الوجوه الأخرى للقرار 1559

الوجوه الأخرى للقرار 1559

الوجوه الأخرى للقرار 1559

د. ساسين عساف 

(ملاحظة: هذه المقال نشرته في حينه تحت عنوان تحدّيات العام 2004 أعيد نشره اليوم لأنّه يبرز خلفيّة واضعيه آنذاك التي ما زال بعض من جوانبها قائماً بما له من مخاطر ومحاذير تستدعي طيّه حتى ولو كانت قد تمّت الإشارة إليه في القرار 1701)

-        القرار 1559 (أقرّه مجلس الأمن في 2 أيلول 2004 بأكثرية تسعة أصوات وامتناع ستّة) له شقّان: شقّ داخلي (الاستحقاق الدستوري واحترام القواعد الديموقراطية. تجريد الميليشيات اللبنانية من السلاح والمقصود هنا هو سلاح حزب الله) وشقّ إقليمي (انسحاب جميع القوات الأجنبية  والمقصود الجيش العربي السوري. تجريد الميليشيات غير اللبنانية من السلاح والمقصود هنا سلاح المخيّمات الفلسطينية)

-        في 11 أيلول وجّه وليم بيرنز مساعد وزير الخارجية الأميركي تحذيراً الى دمشق يقضي بضرورة انسحاب قوّاتها من لبنان

-        في 27 أيلول 2004 وتحت عنوان "دعم الاستقلال السياسي للبنان" أصدر الكونغرس الأميركي قراراً يطالب سوريا بسحب جميع قوّاتها فوراً من لبنان تنفيذاً لقرارات الأمم المتّحدة وتسهيلاً لاستعادة لبنان سيادته ووحدة أراضيه واستقلاله السياسي ويطالبها كذلك بوقف دعمها وتسليحها لمن يسمّيهم افتئاتاً جماعات إرهابية  كحزب الله

-        أعقبه بعد أسبوع  تقرير الأمين العام كوفي عنان.

-        استتبع ببيان أصدرته رئاسة مجلس الأمن بإجماع الأعضاء الخمسة عشر. رسم آليّة المتابعة لمراقبة التنفيذ مؤكّداً للقرار ودافعاً له وداعياً إلى وقف التدخّل السوري في الشؤون اللبنانية وسحب القوّات السورية من لبنان. وهو بمثابة تذكير وتأكيد بأنّ الملفّ اللبناني/السوري لن يطوى وبأنّ لبنان وسوريا باتا تحت المراقبة المستمرّة

1-      الوجه الآخر لقانون محاسبة سوريا

مشروع القرار الأميركي في مجلس الأمن ترجم غضب الولايات المتّحدة من دمشق، (هآرتس  3 أيلول 2004) 

لماذا؟

-        لأنّ سوريا لم تمنع تسلّل من تسمّيهم زوراً "المخرّبين الارهابيين" (المقاومين العرب في رأينا) من أراضيها إلى العراق

-        استهدف سوريا بعد العراق كما صرّح غير مسؤول أميركي كبير تنفيذاً لإقامة نظام شرق/أوسطي جديد ما كان يفرض تغييراً أو تحجيماً لدور سوريا الإقليمي وإدخاله في سياق التبدّل الاستراتيجي الذي أحدثه احتلال العراق.

-        شكّل رسالة إلى دمشق في غير ملفّ (العراقي، الفلسطيني، اللبناني، الصراع العربي/الصهيوني، ترسيم الحدود مع الأردن، الإصلاح الداخلي،  إتّفاق الشراكة الأوروبية الذي وقّعته سوريا والمفوّضية الأوروبية بالأحرف الأولى بعد أن تنازلت سوريا عن شرطها المسبق المتعلّق بأسلحة الدمار الشامل – أن توقّع حكومة الكيان الصهيوني مثل هذا النصّ -  فقبلت النصّ مثلما هو، وثمّة من وجد في هذا القبول أولى تداعيات القرار 1559) 

-        حوّل سوريا إلى طرف معزول يواجه الشرعية الدولية ونمطاً جديداً من العلاقات بين الدول والقوى العالمية وذلك في ظرف اختلّت فيه موازين القوى لصالح العدو الصهيوني فالنظام العربي الرسمي لم يكن فاعلاً  والتفاهم السوري/المصري/السعودي لم يكن قائماً.

-        وضع سوريا أمام تحدّي قبول مطالب كولن باول التي قدّمها إلى دمشق في أثناء زيارته لها في 3 أيار عام 2003 والتي في حال تنفيذها كان ليفقد النظام السوري شرعيّته الوطنية والقومية. ( مطالب باول : العراق ومراقبة الحدود ، تبييض الأموال ، الارهاب ، الأموال العراقية المجمّدة في المصارف السورية ، التنظيمات الأصولية، أسلحة الدمار الشامل، إنسحاب الجيش السوري من لبنان.)

2-      الوجه الآخر لمطالب حكومة الكيان الصهيوني 

-        ضرب العلاقات اللبنانية/السورية المميّزة (الهدف: إضعاف جبهة المواجهة)  - وضع إسفيناً في العلاقات اللبنانية/السورية.

-        طالب بخروج الجيش العربي السوري من لبنان (الهدف: زعزعة الاستقرار وإثارة الفتن الداخلية)

-        طالب برأس المقاومة (الهدف: حزب الله) 

-        نزع شرعيّة المقاومة التي يخوضها حزب الله  في الجنوب والتي وافقت عليها فرنسا والولايات المتّحدة عبر إعلان "تفاهم نيسان" في العام 1996  

-        طالب بتجريد الفلسطيننين من السلاح. (الهدف: إسقاط حقّ العودة والتوطين وإشعال حرب جديدة بين اللبنانيين والفلسطينيين)

-        نزع الشرعية الدولية عن الدولة اللبنانية (الهدف: تسهيل العدوان الصهيوني على لبنان وتغطيته)

 

3-      الوجه الآخر للتدويل وإسقاط الطائف والعودة بالوطن الى أفهوم الساحة 

-        شكّل تدخّلاً سافراً في شؤون لبنان الداخلية.

-        خرق المادتين 7 و 39 من ميثاق الأمم المتّحدة. ( مجلس الأمن لا يحقّ له التدخّل في شؤون أيّ دولة ما لم تشكّل تهديداً للسلم والأمن الدوليين) 

-        أسقط معادلة الطائف التي قامت بتفاهم أميركي/ سوري ورعاية عربية وتأييد دولي عبّر عنه قرار مجلس الأمن 157/89 الصادر بتاريخ 11/7/89 وقرار مجلس الاتّحاد الأوروبي  الصادر في 9/12/1989

-        أبطل أيّ ضمانة دولية للوجود العسكري السوري في لبنان. ( الهدف: ضرب الاستقرار في لبنان والعودة إلى الفتنة لأنّ الطائف أصبح دستوراً ومرتكزاً للوفاق الوطني وناظماً للعلاقات اللبنانية/السورية)

-        أسقط الورقة اللبنانية من يديّ دمشق بعد أن سلّمها إيّاها الجانب الأميركي لتمرير حربه على العراق عام 1990- 1991

-        دوّل القضية اللبنانية بمعنى أنّه فرض وصاية دولية على لبنان. تقاعس الجامعة العربية من جهة أولى وعدم تنفيذ الطائف من جهة ثانية سوّغا هذه الاستباحة (سحب التفويض السوري أو إبطال الوكالة، تحويل لبنان مجدّداً إلى ساحة لحروب الآخرين الاقليمية والدولية أي العودة بلبنان إلى مرحلة ما قبل العام 1975)

4-      الوجه الآخر لعقوبات منتظرة

وضع لبنان وسوريا تحت المجهر. جاء واضحاً في استهدافاته. لا يحتمل التفسير أو التأويل.

إنطوي على مخاطر جمّة:

-        إنقسام داخلي 

-        إعتداءات اسرائيلية

-        عزلة دولية ومواجهة مع العالم 

-        ضغوط اقتصادية (الهدف: عزوف الدول المانحة عن المساعدة) 

-        إيغال لبنان في مأزق لا يخرج منه سوى بالتقسيم والتوطين .

-        إمكانيّة وضع الوجود العسكري السوري في لبنان تحت البند السابع من الفصل الثامن لميثاق الأمم المتّحدة (إجازة تطبيق القرار بالقوّة)

5-      الوجه الآخر لاعتبارات وادّعاءات معكوسة وانحراف في القانون الدولي

-        إصداره من بديهيات مهمات مجلس الأمن. مجلس الأمن يدّعي إنقاذ لبنان! ه

-        طبّق أحكام القانون الدولي باعتباره الوجود العسكري السوري في لبنان احتلالاً لبلد مستقلّ!

-        طبّق شرعة الأمم المتّحدة في ادّعائه "تحرير لبنان" وضمان سلامته الاقليمية!

-        دعا الى تطبيق الديموقراطية وحماية الدستور.

-        أبدى الحرص على سيادة لبنان واستقلاله وقراره الحرّ وسلامة أراضيه وحرّية أبنائه في رسم مستقبله السياسي.  

-        دعا إلى تطبيق الطائف (مقدّمة القرار والبنود 1و2 و3 و4 . مجلس الأمن إستذكر كلّ قراراته السابقة حول لبنان وبياناته الرئاسية. دعم وحدة أرض لبنان وسيادته واستقلاله السياسي ضمن حدوده الاقليمية المعترف بها. أكّد أهمّية بسط سلطة الحكومة اللبنانية على التراب اللبناني كاملاً.  طالب بانسحاب القوات الأجنبية. دعا إلى حلّ الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية ونزع سلاحها)   

هذه الوجوه شكّلت الخلفية الحقيقية التي بني عليها القرار 1559 وهي التي منحت هذا القرار أهمّيته في مرحلة تاريخية حاسمة كان يعاد فيها النظر بجغرافية المنطقة سياسياً وأمنياً واقتصادياً وثقافياً لصالح المشروع الأمبراطوري الأميركي وتفرّعاته الاقليمية، الصهيونية الحليفة والعربية اللحيقة. لذلك وجب التعاطي مع هذا القرار باعتباره فصلاً من فصول تنفيذ هذا المشروع. وكلّ مقاربة تجزيئية له إبتعدت بأصحابها عن حقيقة أهدافه وأوقعتهم في خطأ تاريخي ارتدّ سلباً عليهم وعلى لبنان وسوريا معاً.

سوريا ولبنان واجها معاً الضغط والتهديد. من قانون المحاسبة إلى القرار 1559 والسياسة الأميركية سعت لضرب الموقع الثابت في وجه الكيان الصهيوني ومنعه من ابتلاع الحقّ العربي في الأرض وفي الكرامة.

لعنة الولايات المتّحدة لاحقت لبنان منذ كيسينجر مروراً بشولتز وليس انتهاء بباول وخليفته كوندوليسا رايس. وفي كلّ مرّة كانت هذه اللعنة تضع لبنان في خطر جدّي، خطر التقسيم والتوطين مع كيسينجر وخطر الالتحاق بالكيان الصهيوني مع شولتز عبراتفاق السابع عشر من أياّر وخطر عزله وحصاره ونزع الشرعيّة الدولية عنه مع باول ورايس.

لاعبو القرار 1559 فرّطوا بمصلحة لبنان. وكاد هذا القرار أن يجرفهم  إلى مستنقع الفتنة. فالقبول بالقرار كان يعني تصفية المقاومة والصدام بالفلسطينيين والعداء لسوريا. هذا القرار لم يكن للبنان بل للكيان الصهيوني

ثمّة من اعتقد وروّج لاعتقاده بأنّ النزاع الوحيد القائم في لبنان في تلك المرحلة كان بين لبنان وسوريا، ونزاع لا ينتهي الاّ بانسحاب السوريين عسكرياً وأمنياً وتدخّلات تنتهك السيادة والاستقلال والقرار الحرّ.

موضوعات ذات صلة