
يحيى السنوار نهج لا يموت

يحيى السنوار نهج لا يموت
معن بشور
لم ترتجف يدي
يوماَ وأنا أكتب عن شهيد عزيز أو مناضل صديق، كما ارتجفت طيلة ليلة أمس الخميس
وانا أحاول ان اكتب عن البطل الأسطوري رئيس حركة حماس القائد الشهيد يحيى السنوار
(أبو إبراهيم) لأنه من القلائل من قادة المقاومة الفلسطينية، التاريخيين
والحاليين، الذين لم أعرفهم شخصياً، أو لأن بياناً رسمياً ينعيه أو لم يصدر طيلة
ليلة أمس عن حركة (حماس)، أو لأن الأمر يتصل باغتيال رمز كبير من رموز مقاومتنا
كنا نعلق عليه أكبر الأمال.
ولكن الصورة
التي وزعها الاعلام الصهيوني عن جثمان الشهيد الكبير والى جانبه بندقيته وجعبته
جعلني اشعر ان هذا الاستشهاد سيكون له أثر كبير في حياة امتنا وحركة التحرر في
العالم كله، تماماً كما كان لصورة تشي غيفارا وهو يستشهد في ادغال بوليفيا عام
1967، الأثر المستمر الى وقتنا الحاضر.. خصوصاً مع القصيدة الشهيرة للشاعر المصري
الراحل احمد فؤاد نجم وأنشدها الشيخ إمام
رحمه الله، (غيفارا مات) والتي بقيت ترددها أجيال من شباب العالم وتستلهم منها كل
قيم الكفاح ومُثله وروحه الأبية.
ولعل استشهاد
أبو إبراهيم السنوار اليوم، كاستشهاد ابي العبد هنية قبل أسابيع، واستشهاد مؤسس
حركة (حماس) الشيخ احمد ياسين وخليفته الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قبل عشرين
عاماً، واستشهاد العديد من قادة المقاومة ومجاهديها على مدى السنوات التي تلت
التأسيس عام 1987، هو تأكيد لتقييمنا التاريخي لهذه الحركة وقدراتها الذي التزمنا
به طيلة هذه السنوات، تماماً كما كان التزامنا في كافة الهيئات الوطنية والقومية
والأممية التي شاركت فيها أيضاً لحزب الله الذي راهنا على دور كبير سيلعبه في حياة
لبنان والأمة والعالم.
واذا كان العدو
قد اعترف بخطأ نشر صورة ابي ابراهيم شهيداً والى جانبه بندقيته وجعبته وعلى بعد
امتار من احدى دبابات العدو، وبعيداً عن الاسرى الذين أدعى العدو انه يحتمي بهم،
لكن الخطيئة الكبرى التي ارتكبها العدو هو ظنه انه باستشهاد السنوار قادر على
التخلص من حركة (حماس) متجاهلاً ان في مقاومتنا الفلسطينية واللبنانية، العربية
والاسلامية، مع كل شهيد يرتقي ينبت الف مجاهد شديد، ومع كل قائد ينجح العدو في
الوصول اليه ينبت الف قائد جديد..
وكما قال
المجاهد الدكتور خليل الحيّة (أبو أسامة) في إعلانه اليوم عن استشهاد (ابي
إبراهيم) ان يحيى السنوار أمضى حياته اسيراً ومجاهداً وقائداً حتى وصل الى مرتبة
الشهادة التي يشتهيها كل مجاهد حقيقي في فلسطين وخارجها.
وسيكتشف العدو
سريعاً كيف سيحرك استشهاد السنوار شعبه الفلسطيني أولاً وأمته العربية والإسلامية
ثانياً واحرار العالم ثالثاً في طوفان جديد لم تكن عملية البحر الميت في الأردن
سوى احدى طلائعه، وان النهج الذي عاش عليه السنوار في حياته سيكون نهج اخوانه في
(حماس) كما قال الحيّة في كلمته اليوم، وكما يقول كل مقاوم في فلسطين ولبنان وعلى
امتداد الامة الذي يعتبر السنوار شهيداً من شهداء أيّاً كان تنظيمه او حركته..
في وداعك أبا
إبراهيم نعاهدك ان نبقى مقاومين لثلاثية العدوان وهي "القتل والتدمير،
والتييئس"، نستلهم سيرتك الجهادية العظيمة التي توجتها كقائد مقاوم
بالاستشهاد.
*********************
نتنياهو لم يعد بعيداً عن مرمى المقاومة
صحيح أن الحرب
سجال، وفيها صولات وجولات، ولكن في حرب تسجيل النقاط مع العدو الصهيوني، تحقق
المقاومة تقدماُ، وما خسرته من قادتها ومجاهديها وجماهيرها، لاسيّما في جبهات
القتال في جنوب لبنان، وفي العمليات البطولية التي ينفذها أبطال المقاومة في
فلسطين، وفي تلك العمليات النوعية المتميّزة الآتية من اليمن والعراق وسورية
وإيران، ومن أغوار الأردن والبحر الميت والمرشحة أن تتسع لتشمل جبهات أخرى..
ولعل ما يميّز
ملحمة "طوفان الأقصى" عن غيرها من حروبنا مع الصهاينة، ليس فقط أنها
استمرت كل هذه الفترة الطويلة نسبياً، بل أننا نشعر أن لدينا مقاومة قادرة على
الوصول إلى كل أهدافها في فلسطين المحتلة، وأنها قادرة على رد الصاع صاعين، وأنها
أثبتت أن الفارق في موازين الإرادات قادر على أن يهزم الفارق في موازين القوى.
سواء تمّ
اغتياله أم لا اليوم، فلقد تأكّد نتنياهو أنه ليس بمأمن من صواريخ المقاومة
ومسيراتها، وأنها إذا لم تتمكن من إصابته اليوم، فأنها قادرة غداً أو بعد غد،
لتنفيذ فيه حكم يستحقه كل من تسبب بهذا الكم من المجازر والدمار بحق أهل غزّة
وفلسطين وأهل لبنان وبلدان المقاومة..
بالتأكيد لا
شيىء يعّوض خسارة الأمّة لهذا العدد من قادتها العظام، وآخرهم البطل الأسطوري يحيى
الشنوار ومجاهديها الأبطال في فلسطين ولبنان وعلى امتداد جبهات المقاومة، لكن
استهداف نتنياهو ووصول قذائف المقاومة إلى منزله هو إنجاز جديد تحققه المقاومة في
هذه الحرب المستمرة منذ عام وعشرة أيام، وحدث ستكون له دلالاته وأبعاده وآثاره
فيما بعد، لاسيّما بعد تلك النشوة التي أظهرها نتنياهو وزمرته ابتهاجاً باغتيال قادة
المقاومة.
*********************