
الخيار الصعب

الخيار الصعب
بشارة مرهج
سمعت بالأمس دونالد ترامب يتحدث الى جمهوره بصوت عال وبكلمات تعطل العقل وتثير الغرائز على انواعها. برز العملاق العقاري في انفعاله غير الطبيعي على خشبة المسرح ممثلا طبيعياً لتيار سياسي أميركي، لا بل دولي، يعاني من نقص فادح في الثقافة وفائض مخيف من العنصرية. عدت الى تراثنا العربي المتنوع و اكتشفت مرة جديدة أن التطرف ما هو إلا ثمرة الجهل، وان من أعوزته الحجة تطرف بخطابه. والحق يقال ان اسوأ الايام تلك التي يتعذر تبيان ملامحها.
واليوم إذ يتألم
أهل القضية العربية القاطنين في اميركا، ومعهم أهل لبنان وفلسطين خاصة، من ضراوة
الموقف الأميركي الرسمي المساند لإسرائيل تتملكهم الحيرة في اختيار المرشح المناسب
للإقامة في البيت الأبيض. نصف هؤلاء – كما تشير الاستطلاعات – يميلون لانتخاب
ترامب على فرضية ان الأخير أقدر على وقف الحرب، القائمة على فلسطين ولبنان، من
كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي الذي برهن عن تبعية كاملة لإسرائيل وعداوة
مستحكمة للقضية العربية. اما النصف الاخر الذين يميلون الى هاريس فيعتبر أنها اكثر
احتراماً للقوانين وأكثر تفهماً لحقوق الجماعات من ترامب وإن عجزت عن فرض رأيها
على حزبها في ميدان الممارسة.
وضمن هذه
الاعتبارات وسواها يجد المؤيدون لغزة وبيروت أنفسهم امام خيارات صعبة سواء انتخبوا
هاريس أو ترامب أو امتنعوا عن الانتخاب كلياً.
ومن الان الى
الخامس من تشرين الثاني يبدو قرار الامتناع عن الانتخاب هو الأصوب، وإن كان
الأصعب، أخذاً بعين الاعتبار شبكات المصالح والالتزامات السياسية القائمة، لكن إذا
حدث ما ليس في الحسبان واقترب أحد المرشحين من الموقف العربي الجوهري وتجرأ في
الوقت نفسه على اتباع طريق المنطق تجاه "اسرائيل" - وهذا أمر صعب المنال
- فإن الاختيار الصحيح يفرض نفسه على الملأ.