الإثنين ٠٦ / أكتوبر / ٢٠٢٥
من نحن اتصل بنا سياسة الخصوصية

أخبار عاجلة

طوفان الأقصى ينتقل بشكلٍ مُتسارعٍ إلى الضفّة.. ويعدّ استقبالًا حارًّا لترامب وصفقة قرنه.. وضربات مُوجعة بل قاتلة لنتنياهو.. إليكُم التفاصيل

متطلبات الزمن العربي الجديد

متطلبات الزمن العربي الجديد

متطلبات الزمن العربي الجديد

د. علي محمد فخرو 

في الدرجة الأولى يواجه الوطن العربي في هذه اللحظة كارثة السقوط المذهل للعديد من أقطار المشرق العربي، إمّا بسبب مؤامرات الخارج، وإمّا بسبب فساد وبلادات الداخل، وإمّا بسبب الاثنين معا. وهو أمر يستدعي أن يواجه قبل أن ينتشر غرباً وجنوباً ليكتمل المشروع الصهيوني الاستعماري بإنهاء المشروع العروبي الوحدوي الذاتي التاريخي، وإحلال حلم مشروع الشرق الأوسط الكبير مكانه، المشروع الأمريكي الصهيوني المتجدّد. هذا الجرح الخطير الجديد في الكيان العربي كلّه، حاضراً ومستقبلاً، يستدعي التفكير بمنطق الأولويات.

أولاً: قيام أقطار المغرب العربي بتعويض انتكاسات المشرق العربي: تحتاج الجزائر بالذات أن تعلن بصراحة تامة أن أولوية الإنقاذ القومي العروبي تستدعي أن تترك أمر الخلاف المزمن حول الصحراء الغربية، إلى حكمة وعدالة قطر المغرب العربي الشقيق، ليعالج الأمر بالتي هي أحسن، وأن الأولوية هي للعودة إلى مشروع الوحدة المغاربية، ومن ثم تطلب الجزائر اجتماع رؤساء الجزائر والمغرب وتونس وموريتانيا وممّثل عن ليبيا، لإحياء وبناء وتفعيل ذلك الاتحاد المغاربي ليلعب دوراً محورياً في استعادة التوازن القومي العروبي المشترك، الذي دمّره تكالب الخارج وجهات الداخل. سيتطلب ذلك شجاعة الجزائر التي عودتنا دائماً على التصرف أثناء الملمّات بشجاعة، وسيتطلب التزاماً قومياً مسؤولاً من قبل الأعضاء الآخرين بترك الفرعيات والتوجّه إلى الأساسيات.

المطلوب تجييش قوى المجتمعات العربية وشعوبها، للضغط على مؤسسات الحكم لتقوم بواجبها في مواجهة الكوارث التي تعصف بأجزاء كبيرة من الوطن العربي، بل في الحقيقة بكل الوطن العربي

ثانياً: ومن أجل المساعدة في تنقية أجواء المشرق العربي السياسية، التي امتلأت بالتشوهات والمطّبات الكارثية بحقّ العديد من أقطاره، سيحتاج مجلس التعاون أن يراجع الأدوار الخاطئة، التي لعبتها بعض أقطاره خلال العشرين سنة الماضية، والتي أضعفت المجلس إلى حد إيصاله أحياناً إلى إمكانيات الانحلال والتشرذم. وكانت بعض تلك الأدوار متناقضة مع المصالح العربية المشتركة، وبعضها مع رابطة المروءة الأخوية، ما بين أقطار الخليج العربي نفسه، ومع ضحايا حملة رافعي رايات العنف والجهاد التكفيري المجنون، مثل الذي اكتسح سوريا وهجّر نصف سكانها إلى المنافي، وأسقط نظام حكمها مؤخراً. ستكون هناك حاجة للمصارحة التامة بشأن انزلاق المجلس في لعب أدوار سلبية في العديد من الصراعات والحروب الأهلية في هذا القطر العربي أو ذاك، ومع الأسف فإن الثروات الهائلة التي تجّمعت لدى البعض سهّلت قيام ذلك البعض بتلك الأدوار المتناسقة، بقصد أو من دون قصد، مع الخارج، وعلى الأخص الثنائي الأمريكي الصهيوني، الذي لم تردعه قيم أو أخلاق أو مشاعر إنسانية في معارك تدميره الممنهج للعديد من المجتمعات العربية. آن أوان أن يضع المجلس خطوطاً حمرا، لا يمكن أن يتخطّاها أي قطر باسم ممارسة السيادة الوطنية، من دون تشاور مع المجلس وتوافق مشترك لا يضر المجلس ولا يضر المصالح القومية العروبية المشتركة.

ثالثاً: ستكون كارثة لو أن كتلتي الاتحاد المغاربي الكبير، ومجلس التعاون الخليجي، لم تقوما بإقناع بقية الدول العربية والإسلامية في الجامعة العربية وفي منظمة التعاون العربي الإسلامي، بأن ما تقوم به الجهتان هو محاولة التزامية من أجل أن تلتئم الجروح، ويقف النزيف وترجع فضيلة التوازن، حتى يستطيع العرب والمسلمون معاودة السّير في طريق الاستقلال والتوحّد والنهوض ومواجهة مؤامرات أعدائهم الإجرامية المتلوّنة وذات الألف قناع.

رابعاً: وحتى لا تفاجئنا تلك الجهات الرسمية التي نتوجه إليها بطلب المساعدة، وحمل المسؤولية التاريخية بتقديم الأعذار الواهية، نعتقد أن ما كتبنا عنه مراراً وكتب الكثيرون من الضرورة القصوى، لقيام جبهة شعبية عربية تنسيقية تضامنية ديمقراطية، مكونة من طليعة من المتحّمسين من الأحزاب والنقابات والاتحادات وشتى مؤسسات المجتمع المدني العربي، المهنية والحقوقية والنسائية والشبابية، وبعض الناشطين من مفكّري ومثقفي الأمة، لقيامها في الحال، ومن دون أي تأخير من أجل تفعيل وتجييش قوى المجتمعات العربية وشعوبها، للضغط على مؤسسات الحكم لتقوم بواجبها في مواجهة الكوارث التي تعصف حالياً بأجزاء كبيرة من الوطن العربي، بل في الحقيقة بكل الوطن العربي.

إنه سباق مع الزمن ولن يرحم التاريخ من يتقاعسون عن الاستجابة لمتطلباته قبل فوات الأوان.

* كاتب

***************

موضوعات ذات صلة